موسم “الهيلولة” بتارودانت.. تعزيز الروابط بين اليهود المغاربة عالمياً

هبة بريس- عبد اللطيف بركة 

تعد الاحتفالات الدينية التي تقام في مناسبات مختلفة جزءًا لا يتجزأ من حياة المجتمعات البشرية، حيث تساهم هذه الاحتفالات في توثيق الروابط الروحية والاجتماعية بين الأفراد.

واحدة من أبرز هذه المناسبات هي “الهيلولة” التي تحتفل بها الطائفة اليهودية سنويًا في المغرب، خصوصًا في ضريح الحاخام “دافيد بن باروخ” (المعروف أيضًا باسم “أغزو نباهمو”) الواقع في جماعة تنزرت التابعة لإقليم تارودانت. يعتبر هذا الموسم الديني مناسبة هامة ليس فقط للمغاربة اليهود، بل للعديد من اليهود في مختلف بقاع العالم.

تاريخ ومكان الاحتفال: ضريح الحاخام “دافيد بن باروخ”

يقام موسم “الهيلولة” سنويًا في ضريح الحاخام “دافيد بن باروخ”، الذي يُعتقد أنه شخصية دينية بارزة في التاريخ اليهودي بالمغرب. يقع الضريح في تنزرت، وهي منطقة تاريخية غنية بالرمزية الدينية والثقافية بالنسبة للطائفة اليهودية في المملكة. وقد أصبح هذا المكان قبلة للزوار من داخل المغرب ومن مختلف أنحاء العالم، ليتوافد إليه المؤمنون من أجل الاحتفال بهذا الموسم الروحي العظيم الذي يجمعهم في تلاوة الأدعية والذكر والدعاء إلى الله.

تعتبر “الهيلولة” مناسبة لتعزيز الروابط بين اليهود المغاربة في الداخل والخارج، حيث يجتمعون تحت سقف واحد للعبادة والتأمل والتضرع، مما يعكس وحدة هذه الطائفة على الرغم من تشتيتها في مختلف أرجاء العالم.

احتفالات “الهيلولة”: تجمع روحاني وثقافي

الموسم الديني للهيلولة ليس مجرد مناسبة دينية فحسب، بل هو حدث ثقافي واجتماعي كبير يجذب اليهود من مختلف أنحاء العالم. فقد شهد الاحتفال السنوي لهذا العام يوم الاربعاء فاتح يناير الجاري ، حضورًا متميزًا، حيث شارك فيه مسؤولون مغاربة كبار، من بينهم والي جهة سوس ماسة، وعامل إقليم تارودانت، وعدد من الشخصيات العسكرية والمدنية.

وقد اتسم الحفل بالروحانية والتضرع إلى الله بأن يحفظ الملك محمد السادس وأسرته الملكية، كما تم الترحم على أرواح الملوك الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، في لحظات تجسد الإيمان العميق بالترابط الروحي بين الطائفة اليهودية والمملكة المغربية .

وفي تصريح لوسائل الإعلام أكد ألبير المالح، مسؤول ضريح الحاخام “دافيد بن باروخ”، أن اليهود المغاربة يواصلون التوافد إلى هذا المكان الطاهر من أجل الاحتفال بموسم الهيلولة، حيث يقومون بتلاوة الأدعية والأذكار اليهودية ويحيون هذه المناسبة الدينية لمدة أيام عدة. هذا الاحتفال ليس فقط فرصة للمغاربة اليهود للتعبير عن إيمانهم العميق، بل هو أيضاً لحظة تعزيز الصلات بين الأفراد والعائلات التي قد تكون تفرقت بفعل الهجرة.

أهمية الموسم في تعزيز الروابط بين اليهود في مختلف بقاع العالم
يعتبر موسم الهيلولة مناسبة بارزة لإحياء الروابط بين أفراد الطائفة اليهودية في أنحاء مختلفة من العالم.

فاليهود الذين يعيشون في الخارج، خاصة في دول أوروبا وأمريكا، يحرصون على المشاركة في هذه الاحتفالات الروحية في المغرب، حيث يشكلون جزءًا من شبكة واسعة من المجتمعات اليهودية التي تسعى للحفاظ على تقاليدها الدينية والروحية.

من جهة أخرى، تعكس هذه الاحتفالات ارتباط الطائفة اليهودية المغربية بجذورها في وطنهم الأم، مما يعزز الشعور بالانتماء ويقوي العلاقات بين أفراد الطائفة في مختلف الدول.

كما أن هذا التجمع السنوي يُعتبر أيضًا فرصة لتبادل الخبرات والتقاليد الدينية والثقافية، فضلاً عن تسليط الضوء على الأهمية التي توليها المملكة المغربية لحماية التنوع الديني والثقافي على أراضيها، وهو ما يعكس الصورة الحضارية للمملكة في تعزيز التسامح الديني.

تفاعل الطائفة اليهودية مع المجتمع المغربي

إن موسم الهيلولة في المغرب ليس فقط مناسبة للطائفة اليهودية، بل هو أيضًا حدث يعكس تفاعل اليهود مع المجتمع المغربي بشكل عام.

فقد شهدت الاحتفالات حضور شخصيات حكومية ومدنية من مختلف التوجهات، مما يعكس الاحترام المتبادل بين المسلمين واليهود في المغرب.

وتأتي هذه التفاعلات في إطار القيم الدينية والثقافية المشتركة بين الشعبين، وهي تعبير عن قدرة المغرب على الحفاظ على التعايش السلمي بين مختلف الديانات والطوائف.

ويشكل موسم الهيلولة في ضريح الحاخام “دافيد بن باروخ” مناسبة دينية وثقافية هامة في حياة الطائفة اليهودية، تساهم في تعزيز الروابط بين اليهود المغاربة في مختلف أنحاء العالم.

هذا الحدث لا يقتصر على كونه فرصة للعبادة والتضرع، بل يمثل أيضًا رمزًا للتعايش والتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، ويعكس الصورة المتجددة للمغرب كمثال في التسامح الديني وحوار الثقافات.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى