رمضان وتوزيع المُؤن.. انفاقٌ في السر وآخر في العلن

محمد منفلوطي_هبة بريس

ونحن نعيش على نفخات هذا الشهر الفضيل، شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران، شهرٌ عظيم يُسارع فيه المرء إلى الانفاق وصلة الأرحام، والاقبال على رب العباد صلاةً وقياما وصوما وزكاة، شهرٌ يُنفق فيه كثيرون بأيْمانهم ما لا تعلمه شمائلهم.. في مُقابل هؤلاء، يجد آخرون فرصة في الشهر الفضيل للظهور بمظهر الصادق الأمين المُنفق بالليل والنهار و”الكاميرا شاعلة”، وآخرون يقتنصون ضحاياهم ويختارونهم اختيارا تمهيدا لاستمالتهم انتخابيا يوم الميعاد حين تُنصب صناديق الاقتراع أمام العباد.

أمام هذه المحاولات البائسة من قبل هؤلاء، لم تقف الدولة لتلعب دور المتفرج، بل أصدرت وزارة الداخلية تعليماتها للولاة والعمال بضرورة مراقبة هذه العمليات واعطائها العناية اللازمة لمنع استغلال ” القفف الرمضانية” في حملات انتخابية سابقة لأوانها خصوصا في ظل التحضيرات الجارية للاستحقاقات الانتخابية لعام 2026.

**رمضان والاحسان…انفاق في السر وآخر في العلن

ومن الناس من باتوا ينشرون ” احسانهم” ويحرجون المساكين من ذوي الحاجة، وتقاسم صورهم وفيديوهاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من مختلف الزوايا حصدا للجيمات واللايكات والبحث عن الأموال، يُوزعون بأيمانهم ما تعلمه شمائلهم من صدقة أو قفة احسان في زمن صوم رمضان، ومنهم من بدى وهو ينسج خيوط الحملات الانتخابية المبكرة والركوب على موجة الانفاق في زمن الغلاء مدعوما بزبناء كاميرا شوفوني..

فبلادنا ولله الحمد، وحتى في زمن الأزمات والكوارث الطبيعية، أبانت وأبان معها رجالاتها من كبار القوم مقاما وأصلا ونسبا، عن حسهم الوطني الانساني في التكافل الاجتماعي وأعطوا الدروس للقاصي والداني، وعبّروا بشكل عفوي عن هبتهم الانسانية النابعة من القيم الاسلامية دون بهرجة.

نعم، وقفت الدولة في مختلف المحطات، سدّا منيعا لتأمين المسالك القانونية لدعم الفقراء والطبقات الهشة بعيدا عن منطق الزبونية والربح السياسي…وقفت الدولة بكل امكانياتها لدعم كافة الشرائح المجتمعية حتى قبل وأثناء وبعد جائحة كورونا وزمن زلزال الحوز، وتداعيات الجفاف، بدءا بتكريس مبدأ الدولة الاجتماعية واطلاق برامج لدعم الأسر المعوزة وتشجيع التمدرس وغيرها من المواقف النبيلة..

في كل محطة من المحطات، إلا ويقف ملك البلاد محمد السادس نصره وقفة رجل واحد، ليُعطي الدروس في التضامن بقراراته الشجاعة ذات البعد الانساني والاجتماعي تروم التخفيف عن الأسر وضمان استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي، كلها مواقف نبيلة صارت عناوين بارزة على صفحات كبريات وسائل الاعلام العالمية والوطنية…

نعم، وقفت الدولة في كل المحطات، بكل مكوناتها لقطع الطريق عن القنوات الغير القانونية في توزيع الدعم على الفقراء، قاطعة بذلك الطريق عن “تجار الانتخابات”، الذين اعتادوا الركوب على أحزان العباد.

ولكي لا نُعمم وحتى لا نُعكر صفو من هم بالفعل ملتزمون بالإنفاق في السراء والضراء وحين البأس، عكس من ارتأوا الظهور بالعلالي و”الكاميرا شاعلة”، تأهبا لاستمالة الناخبين في زمن الحملات الانتخابية المقبلة من خلال استعمال القفة كمطية لقضاء مآرب أخرى، غير البحث عن الأجر والثواب في زمن الوباء…(لكي لا نعمم)، هناك رجال مؤمنون صدقوا مَا عاهدوا الله عليه، فانخرطوا طواعية في تلبية حاجيات العباد دون “بهرجة” ولا اقتناص فرص، فأمنّوا متطلباتهم اليومية وانصرفوا في صمت،..
ومن الناس من ارتأى التشهير وامتهان الكرامة والتفنن في التقاط الصور وتوزيعها على مواقع التواصل الاجتماعي بنكهة الانتخابات، ومنهم من سخّر في ذلك جميع امكانياته وذروعه البشرية لاقتحام الدوائر الانتخابية لغريمه في حين غفلة منه، على الرغم أن الدولة حذرت في وقت سابق على لسان وزارة الداخلية داعية مثل هؤلاء إلى التنسيق مع السلطات المحلية قبل توزيع الإعانات والمواد الغذائية على الأسر.

وإلى أن يستيقظ ضمير من ” يستغل الاحسان عبر الرقص على الأحزان”…خذوا لأنفسكم صُورا ولقطات احتفظوا بها لأنفسكم في تاريخكم النضالي، وتفنّنُوا في رسم مظاهر الإحسان بنكهة التباهي والبعد السياسي..

لكن لا تنسوا أن التاريخ يُسجل المواقف ، وأن رب العباد طيبٌ لا يقبل إلا طيبا..



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى