تطورات ميناء الداخلة الصحراوي: نقلة نوعية في التجارة البينية بين المغرب وإفريقيا

هبة بريس – عبد اللطيف بركة 

 

في إطار رؤية المغرب الاقتصادية والتحولات الكبيرة في قطاع النقل اللوجستي، بات مشروع ميناء الداخلة الصحراوي، الذي يُتوقع أن يدخل الخدمة في عام 2028، يمثل علامة فارقة في مستقبل التجارة بين المغرب وأفريقيا. هذا المشروع الضخم الذي يندرج في سياق تطوير البنية التحتية المينائية المغربية يأتي كجزء من استراتيجية طموحة لتعزيز الروابط التجارية بين القارة الأوروبية والقارة الإفريقية.

ميناء الداخلة الصحراوي: قفزة نوعية في الربط البحري مع إفريقيا

من المقرر أن يُحدث ميناء الداخلة الصحراوي نقلة نوعية في قطاع الشحن والنقل بين أوروبا وإفريقيا، خصوصًا في مجال نقل البضائع والشاحنات الثقيلة. بعد اكتمال إنشائه، سيؤدي هذا الميناء إلى تسهيل نقل البضائع عبر البحر مباشرة من المغرب إلى موانئ السنغال، مما يوفر خطًا مائيًا سريعًا وآمنًا وأقل تكلفة من النقل البري التقليدي. من المتوقع أن تكون تكلفة نقل الحاويات عبر السفن حوالي 1500 إلى 2000 درهم، وهي تكلفة تقل بكثير عن التكلفة الحالية التي تتراوح حول 15000 درهم في حال النقل البري.

هذا التغير في أسلوب النقل يتيح للمغرب تقديم خدمات لوجستية متميزة وأكثر كفاءة، مما يجعله محط أنظار الشركات الأوروبية والإفريقية على حد سواء. كما يوفر هذا المشروع مزيدًا من الحوافز الاقتصادية والتجارية للمغرب، ويسهم في تطوير جنوب المملكة وتعزيز مكانتها كجسر لوجستي بين القارتين.

التأثير على موريتانيا ودور العبور

من جهة أخرى، يثير هذا المشروع تساؤلات حول التأثيرات المحتملة على موريتانيا، التي لطالما كانت حلقة وصل بين المغرب وإفريقيا عبر الطرق البرية. إذ يشير متتبعون موريتانيون إلى أن ميناء الداخلة الصحراوي قد يدفع بموريتانيا إلى الخروج من دائرة “بلد العبور” نحو إفريقيا، وهو ما يمكن أن يحد من دورها الحيوي في نقل البضائع بين الشمال والجنوب.

نقل الشاحنات عبر البحر من المغرب إلى السنغال سيكون له تأثيرات اقتصادية مباشرة على موريتانيا، التي تعتمد بشكل كبير على رسوم عبور الشاحنات عبر أراضيها. في المقابل، فإن تطوير ميناء الداخلة سيخلق فرصًا جديدة للمغرب لتعزيز مكانته كمركز لوجستي رئيسي في منطقة غرب إفريقيا، ما يغير خارطة النقل التجاري في المنطقة بشكل جذري.

الانعكاسات الاقتصادية والتنموية للمشروع

على المدى الطويل، سيحمل هذا المشروع فوائد اقتصادية كبيرة للمغرب، سواء من خلال تقليل التكاليف اللوجستية أو بتعزيز قدرة الموانئ المغربية على استيعاب مزيد من الحاويات والشحنات التجارية. كما سيساهم في تحسين بيئة الأعمال في المنطقة، وتوفير فرص عمل في قطاع النقل البحري والموانئ، فضلاً عن تعزيز استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية.

من جهة أخرى، يمثل الميناء خطوة استراتيجية ضمن رؤية المغرب لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، خاصة في إطار اتفاقيات التجارة الحرة والتعاون الإقليمي. هذه الرؤية تشمل أيضًا تحسين قدرة المغرب على تصدير منتجاته إلى الأسواق الإفريقية، وبالتالي تقليل اعتماده على الأسواق الأوروبية.

في ضوء المعطيات الحالية، يبدو أن مشروع ميناء الداخلة الصحراوي يحمل في طياته العديد من الفرص والتحديات على السواء. إذا تم تنفيذه بالشكل المخطط له، سيشكل هذا المشروع قفزة نوعية في عالم النقل البحري والتجارة الإقليمية، ويعزز من مكانة المغرب كمركز لوجستي رئيسي في إفريقيا. ومع ذلك، ستظل المراقبة المستمرة للتأثيرات الاقتصادية على دول المنطقة، وخاصة موريتانيا، أمراً بالغ الأهمية لتفادي أي تداعيات سلبية قد تنشأ عن هذا التحول الكبير في معادلة النقل الإقليمي.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى