الكنبوري :”تعديلات المدونة ستؤثر على هيبة الدولة مستقبلاً“
هبة بريس – الرباط
علق الباحث والأكاديمي المغربي إدريس الكنبوري على مستجدات تعديل مدونة الأسرة.
وقال الكنبوري في تدوينة مطولة نشرها على حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك”: “هناك حالة تقاطب ثنائي اليوم بين المدافعين عن تعديلات مدونة الأسرة – حسب ما هو معلن عنها حاليا – وبين الرافضين لها، وللموضوعية والحقيقة المدافعون عن التعديلات لا يقدمون أدلة ويلجأون إلى الكلام العام الذي يشبه الدعاية الانتخابية، مثل عبارات تحديث المجتمع، الاجتهاد العصري، العدالة الاجتماعية، انصاف المرأة، تمكين النساء، الكرامة إلخ.. عبارات تبين بأن التعديلات سلبية بالفعل، لأن المدافعين عنها لا يستطيعون الخوض في التفاصيل ويفرون إلى العموميات؛ بينما كانوا قبل عامين يخوضون في التفاصيل لكي يثبتوا تخلف المدونة الحالية، أما اليوم فالتفاصيل ضدهم.”
بعض هؤلاء, يضيف الكنبوري, يردون علي رأيي بشكل يومي تقريبا، مع أني أعرفهم كما أعرف يدي، ومنهم بعض المحامين الذين أعرف أن هدفهم ليس المدونة بل وزير العدل، سامحهم الله.. نحن نناقش القضية بعيدا عن أي اصطفاف سياسي أو ايديولوجي أو مصلحي، ندافع عن المجتمع كله وندرك باليقين الذي لا يهتز أن القضية ستؤثر على هيبة الدولة مستقبلا، ونحن لسنا من الذين ينتصرون لقضايا فئوية على حساب الدولة.”
وتابع الكنبوري مدونا “استمعت لإحدى السيدات المحجبات التي ربما كانت عضوا بأحد المجالس العلمية تبرر إخراج بيت الزوجية من التركة ببقاء أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في بيوتهن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قياس فيه مغالطات، فأمهات المؤمنين لهن وضع خاص استثنائي في التشريع، منه عدم التزوج؛ ولا يجوز أخذ حالتهن مقياسا، وواضح أن السيدة لم تجد سوى هذا الدليل الوحيد وهو دليل ساقط الاعتبار.”
واسترسل “نحن نرى أن المدونة يمكن أن تكون أفضل لو ترك باب الاجتهاد مفتوحا بالنسبة للحالات الخاصة وما أكثرها، وقد عرف المغاربة فقه النوازل الذي يتعامل مع الحالات الخاصة فحل مختلف المشاكل، أما وضع مدونة للأسرة شبيهة بمدونة السير تعمل بنفس الأسلوب في جميع المدن والشوارع فهذا قانون لا اجتهاد..ونحن نناقش موضوع السكن وكأن جميع المواطنين لديهم سكن، والمدونة تعاملت مع هذه الحالة، لكنها أهملت حالة أسرة تعيش في الكراء ومات الزوج وطرد صاحب البيت الأسرة إلى الشارع، ماذا تقترح المدونة لهذه الفئة؟ أليست فيها امرأة؟.”
وختم الكنبوري تدوينته بالقول: “المغاربة يفخرون بفقه النوازل ويعتبرونه أسلوبا متقدما في حل المشاكل الكثيرة في الزواج والبيوع وغيرهما، وهو أسلوب وصفه حتى المستشرقون بأنه تقدمي أمثال جاك بيرك، ولكن المغاربة يفخرون به ثم يضربون به عرض الحائط، وأنا أرى أن ترك باب الاجتهاد مفتوحا لاستيعاب الحالات الخاصة هو الحل الوحيد للتوفيق بين الإكراهات الدولية التي نتفهمها والحاجة إلى الحفاظ على الأسرة والمجتمع.”