فريق بحث يكتشف بكتيريا خطيرة في طبقة المياه الجوفية بالمغرب
كشفت دراسة حديثة لفريق بحث مشترك مغربي – مصري ، نشرتها دورية “ساينتفيك ريبورتيز”، العثور على بكتيريا السالمونيلا، وهي من البكتريا “اللاهوائية الاختيارية” في المياه الجوفية بأحد السهول بالمغرب، ووجد الفريق البحثي الذي أعد الدراسة، أن الأنواع التي تم عزلها من المياه كانت مقاومة للمضادات الحيوية.
واشار أحد الباحثين الرئيسيين بالدراسة إنه “سيتم لاحقا إجراء دراسة على عينات من المياه الجوفية ستجمع من عدة مناطق بمصر، وبالاشتراك مع الفريق البحثي المغربي، لاكتشاف ما إذا كانت نفس المشكلة متكررة أم لا”.
وتوضح الدراسة البحثية أن خطورة العثور على تلك البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في المياه الجوفية، هو أنها يمكن تنتقل إلى البشر مجددا، إذا تناولوا لحوم حيوان استخدم تلك المياه، أو تم استخدام تلك المياه في ريّ محاصيل زراعية تناولها البشر لاحقا.
وتسبب سلالات السالمونيلا، التهاب المعدة والأمعاء، والذي عادة ما يكون خفيفا ولا يحتاج إلى علاج، ولكنه يمكن أن يكون مُميتا عند الأطفال حديثي الولادة والأطفال الصغار وأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، لذلك فإن العثور على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في عينات المياه الجوفية، هو أمر مثير للقلق.
وتطورت مقاومة السالمونيلا لمجموعة متنوعة من مضادات الميكروبات منذ أوائل التسعينيات، وأصبحت هذه الظاهرة آخذة في الارتفاع، مما يشكل تهديدًا صحيا عالميا، كما توضح نفس الدراسة .
و تصنف بكتريا السالمونيلا على أنها من النوعية “اللاهوائية الاختيارية”، وهذا يعني أنها تفضل الأكسجين، لكنها يمكن أن تتكيف مع البيئات منعدمة الأكسجين كذلك .
وجمع الباحثون خلال الدراسة 200 عينة من 43 بئرا على مدار 4 حملات موسمية عامي 2017 و2018، وتم فحص العينات ليكتشفوا وجود بكتيريا السالمونيلا، ثم قاموا باختبار مقاومة تلك البكتيريا لـ16 من المضادات الحيوية.
ووجد الباحثون أن 58.1% من أنواع السالمونيلا التي تم عزلها كانت من السلالات المقاومة للأدوية المتعددة، وحددوا مستويات المقاومة بين السلالات، حيث كانت 38.7% مقاومة لـ6 مضادات حيوية على الأقل،و19.4% (9 مضادات )، و9.7%( 4 إلى 7مضادات)، و6.5% ( 11 مضادا حيويا على الأقل)، و3.2% (12 مضادا حيويا).
وتم العثور على مستويات عالية من المقاومة للمضاد الحيوي سيفيبيم بنسبة (61.29%)، والمضاد الحيوي إيميبينيم (54.84%)، والمضاد الحيوي سيفتازيديم (45.16%)، والمضاد الحيوي أوفلوكساسين (70.97%)، والمضاد الحيوي إرتابينيم (74.19٪).
وقال الباحثون في الدراسة إنه من المهم مراقبة وتنظيم نمو البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة من أجل منع تدهور جودة المياه الجوفية.
“السالمونيلا” ليست الوحيدة عالميا و”السالمونيلا” المقاومة للأدوية، ليست البكتيريا الوحيدة من النوعية “اللاهوائية الاختيارية” التي لفتت الدراسات إلى خطورة وجودها في طبقات المياه الجوفية، إذ سبق أن كشفت دراسة أميركية نشرت في مارس2022 بدورية “ووتر” عن وجود الإشريكية القولونية والمكورات المعوية، عبر 443 عينة تم عزلها من ولاية كنتاكي و45 عينة من فلوريدا.
وكشفت دراسة صينية نشرتها دورية “آي إس إم إي كومينيكيشن”، عن تسلل بكتيريا أخرى “لاهوائية اختيارية” وهي “المكورة الراكدة”، إلى طبقة المياه الجوفية في بيئة الثروة الحيوانية، في مناطق متفرقة من الصين.
وعن كيفية تسلل هذه الأنواع البكتيرية بما فيها السالمونيلا إلى طبقات المياه الجوفية، تضيف نفس الدراسة ، أن الأنشطة الزراعية والحضرية والصناعية ساهمت جميعها في التلوث البكتريولوجي المحتمل لإمدادات المياه الجوفية في العقود الأخيرة، على مستوى العالم.
وتشير ايضاً إن “المضادات الحيوية تُستخدم بشكل شائع في الزراعة للوقاية من الأمراض وعلاجها مع تعزيز النمو أيضا، ونتيجة لذلك، قد يحتوي البراز الحيواني على بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وتتسلل إلى طبقة المياه الجوفية عند استخدام البراز كسماد حيواني في الأرض الزراعية، كما يمكن أن تؤدي المعالجة غير الكافية لمياه الصرف الصحي والنفايات إلى السماح للبكتيريا بالتسرب إلى المياه الجوفية. وتؤدي من ناحية أخرى، زيادة تواتر وشدة هطول الأمطار نتيجة تغير المناخ، إلى الجريان السطحي للمياه التي تحمل البكتيريا من السطح إلى المياه الجوفية”.
جمع الباحثون خلال الدراسة 200 عينة من 43 بئرا على مدار أربع حملات موسمية عامي 2017 و2018 (بيكساباي)
والخطوة التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي المصري المغربي بعد تشخيص المشكلة، هي معرفة كيف تمكنت السالمونيلا من التكيف مع بيئة منعدمة الأكسجين في طبقات المياه الجوفية، وهو ما يمكن أن يفيد لاحقا في تطوير علاج يقضي على تلك البكتيريا، كما سيعملون على تطوير فلاتر يمكنها معالجة المياه المحتوية على السالمونيلا.